سيدة احترفت المعاناة

أنا سيدة ..إحترفت المعاناة !..

***

كنت في ما سبق طفلة أمتص ريق جميع الأزهار...

و أتتبع الفراشات و العصافير في وضح النهار.

كنت عالمة بلغة النباتات و الحيوانات و الأنهار

إحتوتني الطبيعة لصدرها فرضعت من ضلعها أحلى الأشعار

فكنت لها من هواتها الأخيار

كنت أنسج لها نغما من حرير سرمدي لا تدركه الأبصار

و اقتطعت من براءة روحي نفسا ملائكيا إزدانت به الأمصار

فيا لها من رياض كانت مني و كنت منها صرنا معا للإندثار

إنتشلتني - بعد أن قبلت صفاء الروح - يد الأقدار..

فكانت نهاية لبداية قصيرة الأجل جفت قبل الإثمار

***

إشتد عودي ورفعت رأسي لأعي ما حولي

فوجدت ألسنة اللهب تحيط بي ..

و تتراقص ضاحكة من حالي..

وتلسعني من فوق رأسي إلى أخمص قدمي

و الأغلال تحاكيها و تجاريها في إذلالي

و تصادقها في زيادة تعذيبي

عيون ساخرات تنفث فحيح الأفاعي في خريطة جسمي

كدت أضيع في زقاق اليأس وأتفرج على مذبح أملي



إنتفضت فغيرت منهاج حياتي

إستعملت أسلحة شحذتها من مرارة آهاتي

وصوبتها تجاه نيران تعاستي

و صرخت من أعماقي بأعلى صوتي

و زلزلت بقدمي الأرض من تحتي

ليعلم من إغتصب سعادتي

و حطم دميتي و لعبتي و براءتي

أني أمارس مهنة أتقنتها معاناتي

فرفعت صولجان مملكتي بيدي

و تاج سلطتي فوق رأسي[
و بدلت طراوة الجلد على جسدي

بجدار شائك لا يقترب منه عدوي

فأنا إحترفت المعاناة فلا إنحني و لا أنثني

إلى أن يأتي أجلي...